السبت، 20 فبراير 2016

نشأة وقيام الدولة العباسية




نشأة الدولة العباسية

 حسين أحمد حسين الخقر  
  
  

مستخلص البحث
موضوع البحث  :   قيام الدولة العباسية .
أهداف البحث : يهدف البحث الى التعرف على سبب تسميتها بالدولة العباسية وكيف بدأت , بيان كيف تمت الدعوة الى الخلافة العباسية , الالمام بأماكن الدعوة التي اختارها العباسيون لدعوتهم , معرفة كيف تم توطيد الحكم العباسي.
منهج البحث : استخدم الباحث في هذا البحث المنهج الوصفي " بحيث يعتمد على وصف ظاهرة من الظواهر ومتغيراتها كما هي في الواقع للوصول الى وصفها وصفاً دقيقاً "
أهم النتائج : ان من أهم النتائج التي توصل اليها الباحث أن سبب تسميت الدولة العباسية هي نسبة الى العباس بن عبدالمطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم , وتوصل الباحث الى ان الدولة العباسية قامت على تنظيم وسرية تامة , وقامت على كاهل أشخاص معينين , وتوصل الباحث الى ان الدولة العباسية قامت على بحر من الدماء , والقتل والتشريد لكل من بني امية ومن دان لهم بالولاء, وورثة أراضي شاسعة من الدولة الأموية.
التوصيات والمقترحات :يوصي الباحث بالكتابة في سيرة محمد بن علي بن عبدالله بن عباس وكذلك ابراهيم وابو العباس السفاح , واخراجها للناس , ويقترح الباحث اقامة دراسة حول العلاقة المشتركة بين الخرسانيين والكوفيين في الولاء للعباسيين , ويوصي الباحث بعدم الخروج على ولاة الامور وان ظلموا وان جاروا فان الخروج  مهلكة , ويفضي الى قتل كثير من ابناء المسلمين .


المقدمة
     الحمد لله الذي يقول الحق وهو يهدي السبيل ، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين ، جدد الله به رسالة السماء ، وأحيا ببعثته سنة الأنبياء ، ونشر بدعوته آيات الهداية ، وأتم به مكارم الأخلاق وعلى آله وأصحابه ، الذين فقههم الله في دينه ، فدعوا إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، فهدى الله بهم العباد ، وفتح على أيديهم البلاد ، وجعلهم أمة يهدون بالحق إلى الحق تحقيقاً لسابق وعده .
     { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}
       فشكروا ربهم على ما هداهم إليه من هداية خلقه والشفقة على عباده، وجعلوا مظهر شكرهم بذل النفس والنفيس في الدعوة إلى الله تعالى.
       وقد قال رسول الله صلى الله علية وسلم "والله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم"




هدف البحث
  يهدف البحث الى تحقيق الهدف الرئيس التالي (  التعرف على قيام الدولة العباسية  ) ويتفرع منه الاهداف التالية :
-       التعرف على سبب تسميتها بالدولة العباسية وكيف بدأت .
-       بيان كيف تمت الدعوة الى الخلافة العباسية .
-       الالمام بأماكن الدعوة التي اختارها العباسيون لدعوتهم .
-       معرفة كيف تم توطيد الحكم العباسي .

اهمية البحث 
تكمن أهمية البحث في ان الخلافة  العباسية هي ثالث خلافة اسلامية , فلا بد من معرفة كيف قامت هذه الدولة العظيمة, التي ازدهر فيها العلم والادب وانتشر فيها الاسلام , وقويت شوكة المسلمين .
 وتكون أهمية البحث من أهمية المبحوث عنه .
منهج البحث
 استخدم الباحث في هذا البحث المنهج الوصفي " بحيث يعتمد على وصف ظاهرة من الظواهر ومتغيراتها كما هي في الواقع للوصول الى وصفها وصفاً دقيقاً "


حدود البحث  
     الحدود الموضوعية :  سيتناول الباحث موضوع قيام الدولة العباسية من حيث التنظيم والترتيب وسيتناول بعض الشخصيات التي كان لها دور فعال في توطيد الحكم العباسي وكما اقتصر البحث على قيام الدولة العباسية ولم يتعرض للدولة الاموية .
      الحدود المكانية :  اقتصر الباحث على تناول الاماكن التي قامت فيها الدولة العباسية والتي سعى بني العباس فيها لنشر دعوتهم .
      الحدود الزماني :  سيتناول الباحث قيام الدولة العباسية من بداية التنظيم للدعوة حتى خلافة ابي العباس السفاح وسقوط الدولة الاموية .
المصطلحات والتعاريف
الدعوة : قال بن منظور " معنى الدعاء لله على ثلاثة أوجه:
 فضرب منها توحيده والثناء عليه كقولك: يا الله لا إله إلا أنت، وكقولك: ربنا لك الحمد، إذا قلته فقد دعوته بقولك ربنا، ثم أتيت بالثناء والتوحيد، ومثله قوله: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي ؛ فهذا ضرب من الدعاء.
والضرب الثاني : مسألة الله العفو والرحمة وما يقرب منه كقولك: اللهم اغفر لنا .
والضرب الثالث : مسألة الحظ من الدنيا كقولك: اللهم ارزقني مالا وولدا، وإنما سمي هذا جميعه دعاء لأن الإنسان يصدر في هذه الأشياء بقوله يا الله يا رب يا رحمن، فلذلك سمي دعاء.
أما الدعوة التي يقصد بها الباحث في هذا البحث ليست على واح من هذه الاضرب التي ذكرها ابن منظور وانما يقصد بها "  دعوة العباسيين اتباعهم الى الخروج على الامويين لقيام دولتهم " .

الفصل الاول
  سبب تسميتها بالدولة العباسية وكيف بدأت
المبحث الاول : نسبة الدولة العباسية
      تنسب الخلافة العباسية للعباس عم النبي  صلى الله عليه وسلم  .
وسيذكر الباحث نبذة مختصرة عن البيت العباسي .
البيت العباسي :
العباس بن عبد المطلب :
العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان, امه نتيلة بنت جناب بن كليب من النمر بن قاسط إحدى قبائل ربية بن نزار ... ولد قبل حادثة الفيل بثلاث سنين - فهو أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين -   ...  توفي في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة       ( 32 ه ) , وهو ابن ثمان وثمانون سنة ودفن في البقيع .
وله من الولد من الولد : الفضل , وعبدالله , وعبيدالله , وعبد الرحمن , وقثم , ومعبد , وأم حبيبة , وكثير بن العباس , وتمام , وصفية , واميمة , والحارث , وليس للفضل وعبد الحمن وقثم وكثير وتمام عقب , عقب العباس من سواهم – لا سيما من عبدالله – فإنه هو الذي انتشر منه عقب العباس وهو جد الخلفاء العباسيين 
عبدالله بن عباس :
     عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. ويكنى أبا العباس, وأمه أم الفضل وهي لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال بن عامر.... وهو ثاني ولد العباس بن عبدالمطلب, ولد قبل الهجرة بسنتين , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه ودعاء له "اللهم علمه التأويل " فكان اعلم الناس بآيات القران وتأويلها, وعبدالله هو الذي نما من نسله البيت العباسي لان اخوته لم يكن لهم نسل باق , عقب عبدالله الذي نما , إنما هو من ولده علي بن عبدالله بن عباس .
علي بن عبدالله بن عباس  :
    علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي. وأمه زرعة بنت مشرح بن معدي كرب بن وليعة بن شرحبيل ابن معاوية بن حجر القرد ابن الحارث الولادة ابن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور, وهو كندي ويكنى أبا محمد ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب. رحمة الله عليه. في شهر رمضان سنة (40 ه ) فسمي باسمه وكني بكنيته أبي الحسن. فقال له عبد الملك بن مروان. لا والله لا أحتمل لك الاسم والكنية جميعا فغير أحدهما. فغير كنيته فصيرها أبا محمد... واعقب علي اثنين وعشرين ولداً ذكراً وإحدى عشرة أُنثى وبيت الخلافة في محمد أكبر أولاده .



محمد بن علي بن عبدالله بن عباس :
   محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. وأمه العالية بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ,فولد محمد بن علي: عبد الله الأصغر. وهو أبو العباس القائم بالخلافة من ولد العباس, وداود بن محمد, وعبيد الله, وأمهم ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان بن الديان. من بني الحارث بن كعب, هو والد ابراهيم الامام وابي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور الذين هم مبدأ الخلافة العباسية , وهو الذي ابتدأت الدعوة على يديه , وكان ذلك في حياة ابيه علي لكن لم يكن لأبيه ذكر في هذه الدعوة , وذكر العباس بن محمد بن علي. أن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس توفي بالشراة من أرض الشأم في خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان. سنة خمس وعشرين ومائة. وهو يومئذ ابن ستين سنة. وقد كان أبو هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية أوصى إليه ودفع إليه كتبه. فكان محمد بن علي وصي أبي هاشم. وقال له أبو هاشم: إن هذا الأمر إنما هو في ولدك. فكانت الشيعة الذين كانوا يأتون أبا هاشم ويختلفون إليه. قد صاروا بعد ذلك إلى محمد بن علي. 






المبحث الثاني : بداية قيام الدولة العباسية
     بعد موت محمد بن علي بن الحنفية بالمدينة عام (81 هـ) افترقت شيعته إلى فرقتين        الأولى : دامت متمسكة بآرائها الكيسانية ، فقد قالت إنه غائب عنا لكنه حي يرزق بجبله, (جبل رضوى) ولا بد من رجعته، فهم لا يوالون غيره، لأنهم ينتظرونه.
والثانية : تحولت إلى القول بإمامه ابنه عبد الله - المكن بأبي هاشم من بعده، وسميت بالفرقة الهاشمية . وتعتقد أن أمر الشيعة صار إلى أبي هاشم بوصية من أبيه، وهذه الفرقة تعتبر أكبر الفرق العلوية وأدقها تنظيماً وأكثرها حماساً وقد عرف أبو هاشم هذا برجاحه عقله وسعة علمه، وحسن تدبيره، ومعرفته بأحوال الفرق، فزادت شيعته بعد وفاة والده، فأخذ يدير الأمور، ويبعث الدعاة مع السرية التامة، موضحاً - في نظره - أحقيته بالخلافة، وكان أبو هاشم قدم على سليمان بن عبد الملك بدمشق، فأكرمه وأجازه وسار أبو هاشم يريد فلسطين أو الحجاز، فمرض في الطريق وأحسَّ بالموت، ولم يكن له ولد، فعدل إلى الحُميَمةِ، وليس من الثابت أن سليمان بن عبد الملك راعه ذكاء أبي هاشم فخافه وفزع منه، ولا أنه أنفذ له من سَمَّهُ بعد أن رحل عنه وإنما مات حتف أنفه   ونزل على محمد بن علي، فأوصى إليه بالإمامة وسلم إليه كُتُب الدُّعاة وأوقفه على ما يعمل به، وصرف شيعته إليه وأمرهم بالسمع له، وأعلمه أن الخلافة في ولده عبد الله بن الحارثية ، وسواء أكانت وصية أبي هاشم صحيحة أم موضوعة فإن بني العباس وشيعتهم اعتمدوا عليها في تقرير حقهم في الخلافة ولم يزالوا يذكرون أن الخلافة أتتهم من جهتها .
    وقد أكد جماعة من المؤرخين وغيرهم تحول دعوة أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية إلى العباسيين والتي عمل من أجلها حوالي سبع عشرة سنة، واستقطب فيها كبار الشيعة العلوية من أهل العراق وخراسان وفرقهم على المدن والأقاليم نظم هذه الدعوة ورعاها، وأعدها لليوم المرتقب وقد كانت وفاته عام 98 هـ .
      ولما علم كبار الشيعة العلوية في العراق وخراسان بموت زعيمهم عبد الله بن محمد      (أبو هاشم) وانتقال الدعوة إلى محمد العباسي ساروا إلى الحميمة للتعزية بوفاة أمامهم عبد الله ولتهنئة أمامهم الجديد محمد بتولية قيادة الدعوة " دعوة آل البيت " ومبايعته وتقديم العهد له، ببذل أموالهم وأنفسهم من أجل نجاح هذه الدعوة وقد رأى محمد علي العباسي صدق هؤلاء الأنصار - وتحمسهم ولمس حبهم لآل البيت، وكرههم لبني أمية وتمنيهم لزوالهم.








الفصل الثاني : الدعوة الى الخلافة العباسية
المبحث الاول  : تنظيم الدعوة العباسية السرية
     كان محمد بن علي طموحًا، فحمل الفكرة، وبدأ بتنفيذها منذ سنة 100 هـ، فكانت الحميمة مركزًا للتخطيط وتنظيم العمل، واختار الكوفة مركزًا للدعوة، واختار خراسان مجالًا لانتشار الدعوة، واختار لها دعاة ونقباء أكفاء لنشرها فكانت تنتشر بسرية تامة وببطء باسم آل البيت. فكان عمله يتسم بالسياسة والدهاء . انتقل محمد بن علي بعد دراسة وتفكير إلى تنظيم الدعوة تنظيماً محكماً ورسم لكبار الدعوة الطريق الذي سوف يسيرون عليه للوصول بالدعوة إلى غايتها، وكان ذلك في تمام المائة الأولى من الهجرة النبوية الشريفة ، وجعل محمد بن علي العباسي الدعوة تتحرك في ثلاث محاور،
1-             فقد جعل قرية الحميمة مكاناً للتخطيط والدراسة، فهي المركز الأول للدعوة
2-             والكوفة للإشراف على الدعوة، ولنقل تعاليم الإمام الصادرة من الحميمة إلى الدعاة في خراسان.
3-             وأما خراسان، فقد أصبحت مسرحاً للدعوة، كما أصبحت فيما بعد منطلقاً للعمل العسكري وقد أكد محمد بن علي العباسي لقادة الدعوة، عدم ذكر اسمه، وأن تكون دعوتهم غاية في السرية، فهو يقول لأبي عكرمة السراج عندما أرسله إلى خراسان: فلتكن دعوتكم إلى الرضا من آل محمد، فإذا وقعت بالرجل في عقله وبصيرته فأشرح له أمركم ... وليكن اسمي مستوراً عن كل أحد، إلا عن رجل عدلك في نفسك ... وتوثقت منه وأخذت بيعته .كما حذر محمد بن علي دعاته من أهل الكوفة قائلاً : ولا تستكثروا من أهل الكوفة، ولا تقبلوا منهم إلا أهل النيات الصحيحة ، واحتاط لنفسه أن يبعد الشكوك التي تحوم حول الحميمة، فقد جعل دعاة خراسان يتصلون بالكوفة بدل الحميمة، حتى لا يلفت أنظار الأمويين فينكشف أمره. ولضمان السرية التامة لدعوته، فقد أمر كبار دعاته بأن يسلكوا في طريقهم إليه الطرق الرئيسية وأن يحاولوا التستر بزي التجار، كما يقللون التردد على الحميمة ما أمكن واختار أبو عكرمة السراجَ بعد ذلك اثنى عشر نقيباً هم  :
 1  - سليمان بن كثير الخزاعي.
2 - مالك بن الهيثم الخزاعي أبو عيينة.
3 - طلحة بن رزيق الخزاعي.
4 - عيسى بن أعين الخزاعي مولى لخزاعة.
5 - عمرو بن أعين أبو الحكم، مولى لخزاعة.
6 - لا هز بن قريظ التميمي.
7 - موسى بن كعب التميمي أبو علي.
8 - عيسى بن كعب التميمي.
9 - القاسم بن مجاشع التميمي أبو نصر.
10 - خالد بن إبراهيم، أبو داود، من بني عمرو بن شيبان بن ذهل.
11 - شبل بن طهمان الربعي أبو علي الهروي الشيباني.
12 - قحطبة بن شبيب الطائي، أبو حمزة  .
وهؤلاء هم رؤساء النقباء هم الذين يعرفون شخصية الإمام وأسرار الدعوة، ويلي هؤلاء نظراء النقباء وعددهم عدد النقباء، ونظير النقيب يخلف النقيب في حالة سفره، أو وفاته ، ثم يأتي بعد ذلك الدعاة وعددهم سبعون داعياً ، ثم يليهم دعاة الدعاة وعددهم ما يقارب من 36 داعياً .













المبحث الثاني : أماكن الدعوة  
 أماكن الدعوة وسبب إختيارها
جعل محمد بن علي الحميمة مركزًا للتخطيط وتنظيم العمل، واختار الكوفة مركزًا للدعوة، واختار خراسان مجالًا لانتشار الدعوة
وجعل محمد بن علي العباسي الدعوة تتحرك في ثلاث محاور، فقد جعل قرية الحميمة مكاناً للتخطيط والدراسة، فهي المركز الأول للدعوة والكوفة للإشراف على الدعوة، ولنقل تعاليم الإمام الصادرة من الحميمة إلى الدعاة في خراسان.  وأما خراسان، فقد أصبحت مسرحاً للدعوة، كما أصبحت فيما بعد منطلقاً للعمل العسكري .
    وجه محمد بن علي بن عبد الله بن العباس إلى العراق وإلى خراسان من يدعو إليه وإلى أهل بيته فاستجاب له جماعة, وكتب لهم محمد بن علي كتابا ليكون لهم مثالا وسيرة يسيرون بها، وكان يقول لرجال أهل الدعوة حين أراد توجيههم, أما الكوفة وسوادها فهناك شيعة علي وولده، وأما البصرة وسوادها فعثمانية ترى الكف، تقول كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل، وأما الجزيرة فحرورية، وأما الرقة فمسلمون أحلاف النصارى ، وأما أهل الشام فلا يعرفون إلا طاعة بني مروان، وأما أهل مكة والمدينة فقد غلب عليها أبو بكر وعمر، ولكن عليكم بخراسان فإن هناك الصدور السليمة والقلوب الفارغة التي لم تتقسمها الأهواء ولم تتوزعها النحل.

ولعل سبب اختيار محمد بن علي وتركيزه على خرسان هو موقع خرسان في أقصى المشرق وبعدها عن بني أمية , وكذلك توفر اسباب النقمة والسخط على الامويين لدى أهل خرسان, لقد وصف محمد بن علي للدعاة المكان الذي يمكن أن تنمو فيه الدعوة وتحقق اكبر النجاح للقضاء على الحكم الأموي:
 فخراسان
     منطقة بعيدة عن عاصمة الدولة وفيها رجال أقوياء حاقدون على الحكم الأموي، والاستقرار في هذه المنطقة شبه مفقود وفيها شيعة متحمسون لنصرة آل البيت وفي خراسان جمجمة العرب وفرسانها، فقد كانت خراسان موطن المقاتلة العرب الذين مرستهم الحرب الطويلة مع تركستان والذين عبّروا مراراً عن تذمرهم من السياسة الأموية والعسكرية، فقد تضايقوا من سياسة التجمير وهي وإبقاء المقاتلة في الثغور وعلى خطوط المواجهة شتاءً في الوقت الذي يرغب المقاتلة من قضاء الشتاء مع عوائلهم, كان الوالي الأموي يسلبهم حصتهم من الفيء والغنيمة أحياناً أو يأخذ أكثر من حقه منها أحياناً أخرى, سئمت القبائل من النزاع المستمر بين الشيوخ والرؤساء الطموحين للوصول إلى السلطة حيث خلق هذا بين قبائل خراسان نوعاً من القلق ولذلك وجدت تلك القبائل في الدعوة العباسية أملاً جديداً لحياة أكثر استقراراً ويسراً ,
وقد أتيح للقيادة العباسية من موقعها في " الحميمة " مراقبة الوضع السياسي عن كثب، والتنبه للثغرات والمشكلات فيه دون أن يكون اختيار خراسان سوى نتيجة لذلك وهي الولاية الأثيرة لدى الأمويين ومركز الخلل في دولتهم المترنحة والصورة الأكثر تعبيراً عنها في صراعتها وانقساماتها. 
وأما اختيار محمد بن علي  للكوفة لان ( ابو هاشم )  قد بعث بدعاته اليها ولمكانها الاستراتيجي بين الحميمة مركز القيادة وخرسان , ولان أهل الكوفة هي بلدة فيها معارضين كثر لبني امية ,واما سبب اختيار الحميمة مركزاً للقيادة لانها بعيدةً عن انظار الامويين , ولعلها كانت طريق للقوافل التجارية فيسهل على الدعاة ان يلتقوا بالامام .



الفصل الثالث
قيام الدولة العباسية وتوطيد الحكم
المبحث الاول : أهم الشخصيات التي قامت عليها الخلافة العباسية
     قامت الدولة العباسية بعد موت إبراهيم الامام الذي سعى ودعا وعمل بكل تنظيم وسرية تامة الى هذا الملك على كاهل كلاً من :  أبو العباس السفاح اول خليفة في الدولة العباسية, وأبو جعفر المنصور , وأبو مسلم الخرساني .
  أبو العباس السفاح
  عبد الله أمير المؤمنين السفاح بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، يكنى أبا العباس، ويقال له أيضا: المرتضى، والقائم , ولد بالشراة وكان مولده في سنة خمس ومائة، واستخلف وهو ابن سبع وعشرين سنة, وهو أول خلفاء بني العباس بويع بالكوفة، وانتقل إلى الأنبار فسكنها حتى مات بها، وكان أصغر سنا من أخيه أبي جعفر,  واستخلف أبو العباس عبد الله بن محمد سنة اثنتين وثلاثين ومائة، لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول، ويقال في جمادى، وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة لثلاث عشرة- أو إحدى عشرة- خلت من ذي الحجة يوم الأحد، فكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر، وتوفي وله ثلاث وثلاثون سنة، وأمه ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان بن الديان بن الحارث بن كعب توفي بالأنبار وصلى عليه عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس.



بيعة أبو العباس السفاح      
      خرج آل العباس هاربين إلى الكوفة, فنزلوا على أبي سلمة الخلال, فآواهم في سرب في داره,  وكان أبو مسلم قد استولى على خراسان, وعين لهم يوما يخرجون فيه, فخرجوا في جمع كثيف من الخيالة والحمارة والرجالة فنزل الخلال إلى السرداب وصاح: يا عبد الله مد يدك فتبارى إليه الأخوان فقال: أيكما الذي معه العلامة?
قال المنصور: فعلمت أني أخرت لأني لم يكن معي علامة. فتلا أخي العلامة, وهي قوله تعالى " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة " الآية.
   فبايعه أبو سلمة, وخرجوا جميعا إلى جامع الكوفة, فبويع, وخطب في الناس, وهو يقول: فأملى الله لبني أمية حينا, فلما آسفوه, انتقم منهم بأيدينا ورد علينا حقنا فأنا السفاح المبيح والثائر المبير. وكان موعوكا فجلس على المنبر فنهض عمه داود من بين يديه فقال إنا والله ما خرجنا لنحفر نهرا ولا لنبني قصرا ولا لنكثر مالا وإنما خرجنا أنفة من ابتزازهم حقنا ولقد كانت أموركم تتصل بنا لكم ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس أن نحكم فيكم بما أنزل الله ونسير فيكم بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم.
    فقام السيد الحميري, وقال قصيدة. ثم نزل السفاح, ودخل القصر, وأجلس أخاه يأخذ بيعة العامة.
      ومن كلامه : من شدد نفر, ومن لان تألف. ويقال: له هذان البيتان:
يا آل مروان إن الله مهلككم ... ومبدل أمنكم خوفا وتشريدا
لا عمر الله من أنسالكم أحدا ... وبثكم في بلاد الله تبديدا
ثم تحول إلى الأنبار, وبها توفي.

       وكان إذا علم بين اثنين تعاديا, لم يقبل شهادة ذا على ذا, ويقول: العداوة تزيل العدالة.
وعن السفاح, قال إذا عظمت القدرة, قلت الشهوة, قل تبرع إلا ومعه حق مضاع الصبر حسن إلا على ما أوتغ  الدين, وأوهن السلطان.
   قال الصولي: أحضر السفاح جوهرا من جواهر بني أمية, فقسمه بينه وبين عبد الله بن حسن بن حسن. وكان يضرب بجود السفاح المثل.
وكان إذا تعادى اثنان من خاصته, لم يسمع من أحدهما في الآخر, ويقول: الضغائن تولد العداوة.
وكان يحضر الغناء من وراء ستارة, كما كان يفعل أزدشير, ويجزل العطاء.
ولما جيء برأس مروان بن محمد , سجد لله, وقال: أخذنا بثأر الحسين وآله, وقتلنا مائتين من بني أمية بهم.
    وقيل: إن السفاح أعطى عبد الله بن حسن بن حسن ألفي ألف درهم .
وقيل : ولد أبو العباس بالحميمة من أرض الشام سنة ثمان ومائة ومات بالأنبار يوم الأحد لثلاث عشرة خلت من ذي  الحجة صلى عليه عيسى بن علي وكانت ولايته أربع سنين وتسعة أشهر ثم بويع أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس  .





  أبو جعفر المنصور

        أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي الهاشمي. العباسي, المنصور. وأمه: سلامة البربرية, ولد في سنة خمس وتسعين, أو نحوها. ضرب في الآفاق، ورأى البلاد، وطلب العلم,  وكان أسمر, طويلا, نحيفا, مهيبا, خفيف العارضين, معرق الوجه, رحب الجبهة, كأن عينيه لسانان ناطقان, تخالطه أبهة الملك بزي النساك, تقبله القلوب، وتتعبه العيون أقنى الأنف بين القنا يخضب بالسواد, وكان فحل بني العباس هيبة، وشجاعة، ورأيا، وحزما، ودهاء، وجبروتا، وكان جماعا للمال, حريصا تاركا للهو، واللعب, كامل العقل بعيد الغور حسن المشاركة في الفقه، والأدب، والعلم, أباد جماعة كبارا حتى توطد له الملك، ودانت له الأمم على ظلم فيه، وقوة نفس، ولكنه يرجع إلى صحة إسلام، وتدين في الجملة, وتصون، وصلاة، وخير مع فصاحة، وبلاغة، وجلالة, وقد، ولي بليدة من فارس لعاملها سليمان بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة ثم عزله، وضربه ، وصادره فلما استخلف قتله .
  وقيل: إنه خلف يوم موته في بيوت الأموال تسع مائة ألف ألف درهم، ونيف.
قال أبو جعفر المنصور : الملوك أربعة: معاوية، وعبد الملك، وهشام بن عبد الملك، وأنا,   وحج المنصور مرات منها في خلافته مرتين، وفي الثالثة مات ببئر ميمون قبل أن يدخل مكة.
   قال مبارك الطبري: حدثنا أبو عبيد الله الوزير سمع المنصور يقول: الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.
وقيل: إن عبد الصمد عم المنصور قال: يا أمير المؤمنين لقد هجمت بالعقوبة حتى كأنك لم تسمع بالعفو. قال: لأن بني أمية لم تبل رممهم، وآل علي لم تغمد سيوفهم، ونحن بين قوم قد رأونا أمس سوقة، ولا تتمهد هيبتنا في صدورهم إلا بنسيان العفو.
    وعن المدائني: أن المنصور لما احتضر, قال: اللهم إني قد ارتكبت عظائم جرأة مني عليك، وقد أطعتك في أحب الأشياء إليك شهادة أن لا إله إلا الله منا منك لا منا عليك. ثم مات, وقيل: رأى ما يدل على قرب موته فسار للحج، وقيل: مات مبطونا، وعاش أربعا، وستين سنة, قال الصولي: دفن بين الحجون، وبئر ميمون في ذي الحجة سنة ثمان، وخمسين ومائة.
     وقد خرج عليه في أول ولايته: عمه عبد الله بن علي, فرماه بنظيره أبي مسلم صاحب الدولة، وقال: لا أبالي أيهما أصيب. فانهزم عمه، وتلاشى أمره ثم فسد ما بينه، وبين أبي مسلم فلم يزل يتحيل عليه حتى استأصله، وتمكن, ثم خرج عليه: ابنا عبد الله بن حسن، وكاد أن تزول دولته، واستعد للهرب, ثم قتلا في أربعين يوما، وألقى عصاه، واستقر, وقيل: إنه  عند قتله لأبي مسلم, خرج بعد أن فرق الأموال، وشغلهم برأسه, فصعد المنبر، وقال: أيها الناس لا تخرجوا من أنس الطاعة إلى، وحشة المعصية، ولا تسروا غش الأئمة يظهر الله ذلك على فلتات الألسنة، وسقطات الأفعال فإن من نازعنا عروة قميص الإمامة أوطأناه ما في هذا الغمد، وإن أبا مسلم بايعنا على أنه إن نكث بيعتنا فقد أباح دمه لنا ثم نكث فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره، ولم يمنعنا رعاية حقه من إقامة الحق عليه فلا تمشوا في ظلمة الباطل بعد سعيكم في ضياء الحق، ولو علم بحقيقة حال أبي مسلم لعنفنا على إمهاله من أنكر منا قتله، والسلام . 

أبو مسلم الخرساني
اسمه عبد الرحمن بن مسلم ويقال: عبد الرحمن بن عثمان بن يسار الخرساني, الأمير, صاحب الدعوة, وهازم جيوش الدولة الأموية, والقائم بإنشاء الدولة العباسية.
كان من أكبر الملوك في الإسلام, كان ذا شأن عجيب, ونبأ غريب, من رجل يذهب على حمار بإكاف من الشام حتى يدخل خراسان, ثم يملك خراسان بعد تسعة أعوام, ويعود بكتائب أمثال الجبال, ويقلب الدولة, ويقيم دولة أخرى.
  قيل: مولده في سنة مائة, وأول ظهوره كان بمرو في شهر رمضان يوم الجمعة من سنة تسع وعشرين ومائة, ومتولي خراسان إذ ذاك الأمير نصر بن سيار الليثي نائب مروان بن محمد خاتمة خلفاء بني مروان, فكان ظهوره يومئذ في خمسين رجلا, وآل أمره إلى أن هرب منه نصر بن سيار قاصدا العراق, فنزل به الموت بناحية ساوة, وصفا إقليم خراسان لأبي مسلم صاحب الدعوة في ثمانية وعشرين شهرا.
قال: وكان أبوه من أهل رستاق فريذين, من قرية تسمى: سنجرد, وكانت هي وغيرها ملكا له, وكان يجلب في بعض الأوقات مواشي إلى الكوفة, ثم إنه قاطع على رستاق فريذين -يعني: ضمنه- فغرم, فنفذ إليه عامل البلد من يحضره فهرب بجاريته وهي حبلى, فولدت له (ابو مسلم) فطلع ذكيا واختلف إلى الكتاب وحصل. ثم اتصل بعيسى بن معقل, جد الأمير أبي دلف العجلي, وبأخيه إدريس بن معقل فحبسهما أمير العراق على خراج انكسر فكان أبو مسلم يختلف إليهما إلى السجن ويتعهدهما وذلك بالكوفة في اعتقال الأمير خالد بن عبد الله القسري, فقدم الكوفة جماعة من نقباء الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس والد المنصور, والسفاح فدخلوا على الأخوين يسلمون عليهما فرأوا عندهما أبا مسلم فأعجبهم عقله, وأدبه, وكلامه, ومال هو إليهم, ثم إنه عرف أمرهم ودعوتهم يعني إلى بني العباس ,ثم هرب الأخوان عيسى وإدريس من السجن فلزم هو النقباء وسار صحبتهم إلى مكة فأحضروا إلى إبراهيم بن الإمام وقد مات الإمام محمد عشرين ألف دينار ومئتي ألف درهم وأهدوا له أبا مسلم فأعجب به وقال إبراهيم لهم هذا عضلة من العضل. فأقام مسلم يخدم الإمام إبراهيم ورجع النقباء إلى خراسان.
فقال: إني جربت هذا الأصبهاني, وعرفت ظاهره وباطنه فوجدته حجر الأرض ثم قلده الأمر, وندبه إلى المضي إلى خراسان فكان من أمره ما كان.
   كان أبو مسلم سفاكا للدماء يزيد على الحجاج في ذلك وهو أول من سن للدولة لبس السواد.
 كان أبو مسلم بلاء عظيما على عرب خراسان, فإنه أبادهم بحد السيف.









حروب أبي مسلم مع نصر بن سيار والسيطرة على خرسان
كتب أبو مسلم إلى نصر بن سيار كتابا بدأ فيه بنفسه ثم قال إلى نصر بن سيار. بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد فإن الله غير أقواما في كتابه فقال " وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا " 
  فعظم على نصر أن قدم اسمه على اسمه، وأطال الفكر، وقال: هذا كتاب له جواب.
قال ابن جرير: ثم بعث نصر بن سيار خيلا عظيمة لمحاربة أبي مسلم، وذلك بعد ظهوره بثمانية عشر شهرا، فأرسل أبو مسلم إليهم مالك بن الهيثم الخزاعي، فالتقوا، فدعاهم مالك إلى الرضا عن آل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا ذلك، فتصافوا من أول النهار إلى العصر، فجاء إلى مالك مدد فقوى فظفر بهم مالك، وكان هذا أول موقف اقتتل فيه جند بنى العباس وجند بنى أمية, وفي هذه السنة غلب خازم بن خزيمة على مرو الروذ وقتل عاملها من جهة نصر بن سيار، وهو بشر بن جعفر السعدي، وكتب بالفتح إلى أبي مسلم .....وفي يوم الخميس لتسع خلون من جمادى الأول من سنة ثلاثين ومائة، دخل أبو مسلم الخراساني مرو، ونزل دار الإمارة بها، وانتزعها من يد نصر بن سيار، وذلك بمساعدة علي بن الكرماني، وهرب نصر بن سيار في شرذمة قليلة من الناس، نحو من ثلاثة آلاف، ومعه امرأته المرزبانة، حتى لحق سرخس وترك امرأته وراءه، ونجا بنفسه، واستفحل أمر أبى مسلم جدا، والتفت عليه العساكر. 



المبحث الثاني:  معركة الزاب ومقتل مروان بن محمد

    قال تعالى " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ".
     كان مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، آخر خلفاء بني أمية، وكان يقال له مروان الجعدي، وحمار الجزيرة أيضاً، بحران، فسار منها طالباً أبا عون، عبد الملك بن يزيد الأزدي، المستولي على شهرزور من جهة بني العباس،
فلما وصل مروان إِلى الزاب، نزل به وحفر عليه خندقاً، وكان في مائة ألف وعشرين ألفاً، وسار أبو عون من شهرزور إِلى الزاب، بما عنده من الجموع، وأردفه السفاح بعساكر في دفوع، مع عدة مقدمين، منهم سلمة بن محمد ابن عبد الله الطائي، وعم السفاح عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس، كما ذكرناه، ولما قدم عبد الله بن علي على أبي عون، تحول أبو عون عن سرادقه وخلاه له وما فيه, ثم إِن مروان عقد جسراً على الزاب، وعبر إِلى جهة عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس، فسار عبد الله بن علي إلى مروان، وقد جعل على ميمنته أبا عون، وعلى ميسرته الوليد بن معاوية، وكان عسكر عبد الله عشرين ألفاً، وقيل أقل من ذلك، والتقى الجمعان، واشتد بينهم القتال، وداخل عسكر مروان الفشل، وصار لا يريد أمراً إِلا وكان فيه الخلل، حتى تمت الهزيمة على عسكر مروان، فانهزموا وغرق من أصحاب مروان عدة كثيرة، وكان ممن غرق، إِبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان المخلوع، وهو يومئذ مع مروان بن محمد، وكتب عبد الله بن علي إِلى السفاح بالفتح، وحوى من عسكر مروان سلاحاً كثيراً, وكانت هزيمة مروان بالزاب، يوم السبت، لإحدى عشرة خلت من جمادى الآخرة، سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ولما انهزم مروان من الزاب، أتى الموصل، فسبّه أهلها وقالوا: يا جعدي، الحمد لله الذي أتانا بأهل بيت نبينا، فسار عنها حتى أتى حران، وأقام بها نيفاً وعشرين يوماً، حتى دنا منه عسكر السفاح، فحمل مروان أهله وخيله، ومضى منهزماً إلى حمص، وقدم عبد الله بن علي حران.
 ثم سار مروان من حمص وأتى دمشق، ثم سار عن دمشق إِلى فلسطين، وكان السفاح قد كتب إِلى عمه عبد الله بن علي باتباع مروان، فسار عبد الله في أثره إلى أن وصل إلى دمشق، فحاصرها ودخلها عنوة، يوم الأربعاء لخمس مضين من رمضان، سنة اثنتين وثلاثين ومائة,
      ولما فتح عبد الله بن علي دمشق، أقام بها خمسة عشرة يوماً، ثم سار من دمشق حتى أتى فلسطين، فورد عليه كتاب السفاح يأمره أن يرسل أخاه، صالح بن علي بن عبد الله بن عباس في طلب مروان، فسار صالح في ذي القعدة من هذه السنة، حتى نزل نيل مصر، ومروان منهزم قدامه، حتى أدركه في كنيسة في بوصير من أعمال مصر، وانهزم أصحاب مروان، وطعن إِنسان مروان برمح فقتله، وسبق إِليه رجل من أهل الكوفة، كان يبيع الرمان، فاحتز رأسه، وكان قتله لثلاث بقين من ذي الحجة، سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ولما أحضر رأسه قدام صالح بن علي بن عبد الله ابن العباس، أمر أن ينفض، فانقطع لسانه، فأخذته هرة، وأرسله صالح إلى السفاح ,ثم رجع صالح إِلى الشام، وخلف أبا عون بمصر، ولما وصل الرأس إِلى السفاح وهو بالكوفة، سجد شكراً لله تعالى، وكان عمر مروان لما قتل، اثنتين وستين سنة، وكانت مدة خلافته خمس سنين وعشرة أشهر ونصفاً، وكان يكنى أبا عبد الملك وكانت أمه أم ولد كردية، وكان يلقب بالحمار، وبالجعدي، لأنه تعلم من الجعد بن درهم مذهبه، في القول بخلق القرآن، والقدر، وكان مروان بن محمد، أبيض أشهل، ضخم الهامة، كث اللحية أبيضها، ربعة، وكان شجاعاً، حازماً، إلا أن مدته انقضت، فلم ينفعه حزمه وهو آخر الخلفاء من بني أمية. 




الخاتمة
الخاتمة وتشتمل على اهم النتائج , والتوصيات والمقترحات , والمصادر والمراجع .
اهم النتائج :
    ان من أهم النتائج التي توصل اليها الباحث أن سبب تسميت الدولة العباسية هي نسبة الى العباس بن عبدالمطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وتوصل الباحث الى ان الدولة العباسية قامت على تنظيم وسرية تامة , وقامت على كاهل أشخاص معينين .
     وتوصل الباحث الى ان الدولة العباسية قامت على بحر من الدماء , والقتل والتشريد لكل من بني امية ومن ادان لهم بالولاء .(سوف أزيد عليها)
التوصيات والمقترحات
    يوصي الباحث بالكتابة في سيرة محمد بن علي بن عبدالله بن عباس وكذلك ابراهيم وابو العباس السفاح , واخراجها للناس .
ويقترح الباحث اقامة دراسة حول العلاقة المشتركة بين الخرسانيين والكوفيين في الولاء للعباسيين .
  ويوصي الباحث بعدم الخروج على ولاة الامور وان ظلموا وان جاروا فان الخروج  مهلكة , ويفضي الى قتل كثير من ابناء المسلمين .



       وختاماً:   فهذا ما يسر الله جمعه وترتيبه وتحليله , في هذا البحث , الذي سماه الباحث ( نشأة الخلافة العباسية),  فما كان فيه من صواب فهو من فضل الله, فله الحمد حتى يرضى، وله الحمد عند الرضى، وله الحمد بعد الرضى، وما كان فيه من خطأ فأستغفر الله تعالى وأتوب إليه، والله ورسوله بريء منه, وأدعو الله تعالى أن ينفع بهذا البحث كل من قرأه او نشره من إخواني المسلمين، وأرجوا أن يذكرني من يقرأه في دعائه، فإن دعوة الأخ لأخية في ظهر الغيب مستجابة إن شاء الله تعالى وأختم هذا البحث بقول الله تعالى " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم " 


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين







المصادر والمراجع
1-              القران الكريم
2-             الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه (صحيح البخاري) المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي, تحقيق, محمد زهير بن ناصر الناصر, الناشر: دار طوق النجاة  ,الطبعة: الأولى، 1422هـ
3-             البداية والنهاية , المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ), تحقيق, علي شيري , الناشر: دار إحياء التراث العربي , الطبعة: الأولى 1408، هـ    
4-             الدولة الأموية عوامل الازدهارِ وتداعيات الانهيار /  علي محمد محمد الصلابي, الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان / الطبعة: الثانية، 1429 هـ  
5-             الدولة العباسية / الشيخ محمد الخضري  الناشر مكتبة الايمان – المنصورة . طبعة 2006م .  
6-             الطبقات الكبرى / أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالولاء، البصري، البغدادي المعروف بابن سعد (المتوفى: 230هـ) ,تحقيق: محمد عبد القادر عطا,  الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت  / الطبعة: الأولى، 1410 هـ   
7-             المختصر في أخبار البشر, المؤلف: أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد ابن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، الملك المؤيد، صاحب حماة (المتوفى: 732هـ) الناشر: المطبعة الحسينية المصرية الطبعة:الاولى  
8-             المنتظم في تاريخ الأمم والملوك / جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ) تحقيق/ محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا / الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت / الطبعة: الأولى، 1412ه
9-             الوافي بالوفيات - المؤلف: صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي (المتوفى: 764هـ), تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى - الناشر: دار إحياء التراث – بيروت - عام النشر:  2000م  
10-        تاريخ بغداد وذيوله.  أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ), الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت.         تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. الطبعة: الأولى، 1417 هـ  
11-        تاريخ خليفة بن خياط / المؤلف: أبو عمرو خليفة بن خياط بن خليفة الشيباني العصفري البصري (المتوفى: 240هـ), تحقيق: أكرم ضياء العمري, الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت / ط 1397 هـ   
12-        لسان العرب محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ) الناشر، دار صادر – بيروت, الطبعة – الثالثة - 1414هـ    
13-        موجز التاريخ الإسلامي منذ عهد آدم عليه السلام (تاريخ ما قبل الإسلام) إلى عصرنا الحاضر 1417 هـ / أحمد معمور العسيري / الناشر:  غير معروف (فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية - الرياض) الطبعة: الأولى، 1417 هـ       
14-        وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان, المؤلف: أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي الإربلي (المتوفى: 681هـ), تحقيق : إحسان عباس, الناشر: دار صادر – بيروت, الطبعة: 1994م


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق